تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103361 مشاهدة print word pdf
line-top
كلنا ذوو عيوب

...............................................................................


نحن نعرف أنه ليس أحد منا يسلم من عيب، ومن نقص في عمل ومن وجود خلل، أو وجود ذنب أو شيء عمل من المنكر، ولكن لا يجوز أن يتخذ هذا الذنب وسيلة إلى السب وإلى القدح وإلى العيب في ذلك الإنسان، وإلى تجنب فوائده وترك الاستفادة من علمه، إذا كان عنده علم وقبول نصيحته، بل الواجب أنك إذا عرفت نقصا في أخيك فلا تجعل هذا النقص وسيلة إلى أنك تفشي عيوبه وتقدح فيه، وتكبر ذلك الذنب وتعظمه عند الناس، وتجعل من الحبة قبة وتغضي عن خصاله الحسنة، فإن هذا يسبب أنه يعاديك ويقدح فيك كما تقدح فيه، وهذا مشاهد.
بل إذا أنكرت عليه شيئا فإن عليك أن تنبهه عليه، وتنصحه سرًّا فيما بينك وبينه، فإن المسلم يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح، فإذا تكلمت فيه وأظهرت عيوبه للناس فإن هذه فضيحة وليست نصيحة، وأما إذا اتصلت به وقلت يا أخي لاحظت عليك كذا وكذا، نقل عنك كذا وكذا، إذا كان يحب الخير شكرك على ذلك وتحسن وقبل نصيحتك، وإذا كان له عذر اعتذر، وقال: إن عذري كذا وكذا، وإذا كان قد كُذب عليه اعتذر، وقال: هذا ليس بصحيح ما قلت هذا ولا فعلته، وأنا أدين بالنصح وأنا أعترف بالنقص، ولكن هذا الذي نقل لك ليس بصحيح فتقبل عذره وتعرف صدقه.
فهذا ونحوه دليل على أن إظهار المساوئ وإفشاءها نقص في الدين، فإذا صنت لسانك على أن تتكلم في أخواتك وأن تقدح فيهم كان ذلك دليلا على احترامك للمسلمين؛ فلذلك قال في هذا الحديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

line-bottom